⚫️ اﻹستخارة

من الموضوعات المهمة في حياة المؤمن ، ذلك أنه يمر في حياته بمراحل كثيرة ويقابل أمورا ﻻ يدرك عاقبتها

لقصور علمه و سبق جهله و محدودية إدراكه ، فصاحبها يرفع أمرها إلى من سبق علمه وعمت حكمته وشاع قضاؤه وقدره

ولقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلم أصحابه اﻻستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن

هل أدركت معنى تعليمهم اﻹستخارة كتعلمه لهم القرآن ، ﻷن اﻻستخارة أعظم من مجرد الدعاء بالتوفيق ، بل هي دعاء وتوكل وتفويض أمر

واعتصام وتوحيد واتصال وثيق بالله عز وجل – وهذا معنى أن يكون محياك ومماتك لله وحده ﻻ شريك له

أنت تطلب باﻻستخارة قدر الله القاضي على عباده في حين أن هناك من يسخط ويعترض – ففي دعاء اﻻستخارة :

واقدر لي الخير حيث كان ( هنا براءة من الحول والقوة و تسليم لمن وسع علمه كل شيء ) ثم رضني به ( قد يكون في قضاءك شدة

أراها بنظري القاصر وجهلي وترى سبحانك فيها خير عاقبة ومآل )

🔴 اﻹستخارة ﻻ تعارض اﻹستشارة

الكثير يظن بأن اﻹستخارة تعارض اﻹستشارة ، وهذا فهم خاطئ ، فقد يجعل الله اختياره في رأي المشاور فينشرح به الصدر

خاصة إذا كان المشاور ذا خبرة و رأي ثاقب في موضوع اﻹستخارة ، وقد يرشد المشاور المستخير ﻷمور يغفل عنها

فيجعل الله من حسن اختياره لعبده حين لجأ إليه وتوفيقه له ، أن يظهر له أمورا ما كان يعلمها من قبل أو كان قد أغفلها

فﻻ تشاور إﻻ حكيما .

عن جابر رضى اللَّه عنه قال : كانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأُمُور كُلِّهَا كالسُّورَةِ منَ القُرْآنِ ، يَقُولُ إِذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر ، فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ ثم ليقُلْ : اللَّهُم إِني أَسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ ، وأستقدِرُكَ بقُدْرِتك ، وأَسْأَلُكَ مِنْ فضْلِكَ العَظِيم ، فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ، وَأَنتَ علاَّمُ الغُيُوبِ . اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تعْلَمُ أَنَّ هذا الأمرَ خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي » أَوْ قالَ : « عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِله ، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فِيهِ ، وَإِن كُنْتَ تعْلمُ أَنَّ هذَا الأَمْرَ شرٌّ لي في دِيني وَمَعاشي وَعَاقبةِ أَمَرِي » أَو قال : « عَاجِل أَمري وآجِلهِ ، فاصْرِفهُ عَني ، وَاصْرفني عَنهُ، وَاقدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ، ثُمَّ رَضِّني بِهِ » قال : ويسمِّي حاجته . رواه البخاري

🔘 هل هناك وقت لصلاة اﻹستخارة ؟

ليس هناك وقت محدد لها ، فتصلى في أي وقت غير أوقات النهي – خروجا من الخلاف – لمن منع الصلاة وقت النهي

وأوقات النهي خمسة :

1 . من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس 2 . وعند طلوعها حتى ترتفع

3 . إذا زالت الشمس وقت الظهر ووقت الزوال 10 دقائق

4 . من بعد العصر إلى غروب الشمس 5 . من غربها حتى تغرب

الوقت الثاني والخامس شدد العلماء فيها النهي ، وقالوا : ينتظر حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح

وينتظر حتى تغيب الشمس ويدخل وقت المغرب

ومن يرى بجواز الصلاة وقت النهي يرى أن تصلى في أي وقت ، وبعضهم يستثني صلاة اﻻستخارة ويقول : هي صلاة ذات سبب

وهي خارجة عن مجرد التنفل في أوقات النهي .

🔸كم عدد ركعات اﻹستخارة وهل تصلى مرة واحدة أو تكرر ؟

عدد ركعاتها جاء في حديث جابر : فليركع ركعتين من غير الفريضة

أما تكرارها فمستحب، بل تكرارها من باب تكرار الدعاء و اﻹلحاح به جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم

كان النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا دعا ‏دعا ثلاثاً ، وإذا سأل سأل ثلاثاً ) واﻹستخارة دعاء وطلب فيستحب للمستخير أن يكررها

وﻻ حد لتكرارها كما ﻻ حد للإلحاح بالدعاء .

💠 متى يقال الدعاء في صلاة الإستخارة ؟

يقال الدعاء في مواطن الدعاء – السجود ، قبل السلام – ويصلح أن تدعوا به بعد الصلاة –

هل يصح أن أنوي اﻹستخارة مع السنة الراتبة مثلا ؟

جاء في الموسوعة الفقهية : إِنْ أَشْرَكَ عِبَادَتَيْنِ فِي النِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى التَّدَاخُل كَغُسْلَيِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ، أَوِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ أَوْ غُسْل الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مَقْصُودَةٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ فَرْضٍ أَوْ سُنَّةٍ أُخْرَى، فَلاَ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ، لأِنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُل، وَالتَّحِيَّةُ وَأَمْثَالُهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِذَاتِهَا، بَل الْمَقْصُودُ شَغْل الْمَكَانِ بِالصَّلاَةِ، فَيَنْدَرِجُ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا التَّشْرِيكُ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ بِذَاتِهَا كَالظُّهْرِ وَرَاتِبَتِهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَشْرِيكُهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، لأِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ لاَ تَنْدَرِجُ إِحْدَاهُمَا فِي الأْخْرَى. انتهى

قلت : لبيان مسألة التشريك في النية و إيضاحها – هناك من العبادات ما جاء مقصودا لذاته كالسنن الرواتب جاءت مقصودة

فتمنع الشركة في النية وكذلك اﻹستخارة جاءت مقصودة لذاتها فلا تقبل أن تصلى اﻹستخارة بنية اﻹستخارة و السنة الراتبة

أما لو دخل المسجد مثلا من أراد اﻹستخارة فهناك تحية المسجد وهذه التحية ليست مقصودة بذاتها ، إنما المقصود أﻻ يجلس حتى يصلي أي صلاة وبهذا تحصل التحية ، فلو نوى اﻹستخارة مع تحية المسجد حصل له أجر النيتين – والله أعلم